مـنـتـدى عــالـم الـنـيـنـجــا


 
الرئيسيةبوابه المنتدىأحدث الصورقوانين العامة للمنتدىالتسجيلدخول

 

 المبعث الشريف وبداية الدعوة2014

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
tiger sas
عضو فعال
عضو فعال
tiger sas


دَولتيّ دَولتيّ : دول اخــرى
مَزآجي مَزآجي : مرحباً
مشآركآتيَ مشآركآتيَ : 100
نقاط التميز  » نقاط التميز » : 298
عمريّ عمريّ : 26
سّجلت فيَ سّجلت فيَ : 12/05/2014 الجِنسْ الجِنسْ : ذكر


المبعث الشريف وبداية الدعوة2014 Empty
مُساهمةموضوع: المبعث الشريف وبداية الدعوة2014   المبعث الشريف وبداية الدعوة2014 I_icon_minitimeالثلاثاء مايو 13, 2014 10:59 am

المبعث الشريف وبداية الدعوة
ولما بلغ رسول اللّه (ص) أربعين سنة بعثه اللّه تعالى رحمة للعالمين، وكافة للناس أجمعين.
وكان اللّه قد أخذ له الميثاق على كل نبيّ بعثه قبله بالإيمان به، والتصديق له، والنصر على من خالفه، وأخذ عليهم أن يؤدّوا ذلك إلى كل من آمن بهم وصدقهم، فأدّوا من ذلك ما كان عليهم من الحق فيه، يقول اللّه تعالى لنبيه محمد (ص): (وإذ أخذ اللّه ميثاق النبيّين لما أتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدّق لما معكم)(1).
وقيل: انه أول ما بدأ به رسول اللّه (ص) من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلوة فكان يخلو بغار حراء فيتعبّد فيه الليالي ذوات العدد قبل أن يرجع إلى أهله ويتزوّد لذلك، ثم يرجع إلى خديجة(ع) فيتزوّد لمثلها، حتى فجأه الحق في السابع والعشرين من شهر رجب الحرام، وهو (ص) في غار حراء فجاءه الملك فقال له: اقرأ!
قال: وما أقرأ ؟
قال: (بسم اللّه الرحمن الرحيم اقرأ بسم ربّك الّذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربّك الأكرم الّذي علَّم بالقلم علّم الإنسان ما لم يعلم)(2) فرجع بها رسول اللّه (ص) يرجف فؤاده، حتى دخل على خديجة(ع)، فقال: زمّلوني زمّلوني، فزمّلوه حتى ذهب عنه الروع.
لقاء في الشام
عن عبد اللّه بن عباس: ان أبا سفيان بن حرب أخبره قائلاً: ان هرقل أرسل إليه في ركب من قريش كانوا تجاراً بالشام في المدة التي كان رسول اللّه (ص) قد أظهر الإسلام وهاجر إلى المدينة وكفار قريش تجحده.
فأتوه وهم بايلياء، فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا بترجمانه فقال: أيّكم أقرب نسباً بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟
قال أبو سفيان: فقلت: أنا أقربهم نسباً.
قال: أدنوه مني وقربوا أصحابه واجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه: قل لهم: إني سائل هذا عن هذا الرجل، فإن كذَبني فكذِّبوه.
قال أبو سفيان: فواللّه لولا الحياء من أن يأثر عليّ كذباً لكذبتُ عليه، ثم كان أول ما سألني عنه أن قال:
كيف نسبكم فيه ؟
فقلت: هو فينا ذو نسب.
قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟
قلت: لا .
قال: فهل كان من آبائه من ملك؟
فقلت: لا.
قال: فأشرافهم اتّبعوه أم ضعفاؤهم؟
قلت: بل ضعفاؤهم.
قال: أيزيدون أم ينقصون؟
قلت: بل يزيدون.
قال: فهل يرتدّ أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟
قلت: لا.
قال: فهل كنتم تتّهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟
قلت: لا.
قال: فهل يغدر؟
قلت: لا، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها، قال: ولم يمكنّي كلمة أدخل فيها شيئاً غير هذه الكلمة.
قال: فهل قاتلتموه؟
قلت: نعم .
قال: فكيف كان قتالكم إيّاه؟
قلت: الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منا وننال منه.
قال: بماذا يأمركم؟
قلت: يقول: اعبدوا اللّه وحده ولا تشركوا به شيئاً، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة.
فقال للترجمان: قل له: سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب، وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها.
وسألتك: هل قال أحد منكم هذا القول؟ فذكرت: أن لا. فقلت: لو كان أحد قال هذا القول قبله لقلت: رجل يتأسّى بقول قيل قبله.
وسألتك: هل كان في آبائه من ملك؟ فذكرت: أن لا، قلت: فلو كان من آبائه من ملك قلت رجل يطلب ملك أبيه.
وسألتك: هل تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرتَ: أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على اللّه.
وسألتك: أأشراف الناس اتّبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكرتَ: أن ضعفاءهم اتّبعوه، وهم أتباع الرُسُل.
وسألتك: أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت: أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم.
وسألتك: أيرتدّ أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت: أن لا، وكذلك الإيمان حين يخالط بشاشة القلوب.
وسألتك: هل يغدر؟ فذكرت: أن لا، وكذلك الرُسُل لا يغدرون.
وسألتك: بما يأمركم؟ فذكرت: أنه يأمركم بأن تعبدوا اللّه ولا تُشركوا به شيئاً، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدميَّ هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج فلم أكن أظن أنه فيكم، فلو أعلم أنني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدميه.
ثم دعا بكتاب رسول اللّه (ص) الذي بعث به مع دحية الكلبي إليه فقرأه عليهم فإذا فيه:
بسم اللّه الرحمن الرحيم، من محمد بن عبد اللّه ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتّبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، أسلم يؤتك اللّه أجرك مرّتين، وإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين، (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلاّ اللّه ولا نُشرك به شيئاً ولا يتّخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون اللّه فإن تولّوا فقولوا اشهدوا بأنّا مسلمون)(3).
قال أبو سفيان: فلمّا قال ما قال وفرغ من قراءة الكتاب كثر عنده الصخب وارتفعت الأصوات، وأخرجنا.
فقلت لأصحابي حين أخرجنا: لقد عظم أمرُ ابن أبي كبشة، انه ليخافه ملك بني الأصفر.
امتحان واختبار
وقيل: انه كان ابن الناظور صاحب إيليا وهرقل اُسقف على نصارى الشام يحدّث: أن هرقل حين قدم إيليا أصبح يوماً خبيث النفس، فقال له بعض بطارقته: قد استنكرنا هيئتك.
قال ابن الناظور: وكان هرقل ينظر في النجوم، فقال لهم حين سألوه: إني رأيت الليلة حين نظرتُ في النجوم أن ملك الختان قد ظهر، فمن يختتن من هذه الاُمة؟
فقالوا: ليس يختتن إلا اليهود، فلا يهمنك شأنهم، واكتب إلى مدائن ملكك فليقتلوا من فيهم من اليهود، فبينما هم كذلك إذ جيء إلى هرقل برجل أرسل به ملك غسان يخبره عن خبر رسول اللّه (ص)، فلما استخبره هرقل وسأله عن العرب: أهم يختتنون؟
فقال: هم يختتنون.
فقال هرقل: هذا ملك هذه الاُمة قد ظهر، ثم كتب هرقل إلى صاحب له برومية وكان نظيره في العلم، وسار هرقل إلى حمص فلم يرم حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه يوافق رأي هرقل على خروج النبي، وأنه نبي، فأذن هرقل لعظماء الروم في دسكرة له بحمص، ثم أمر بأبوابها فغلقت، ثم اطلع فقال: يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبت ملككم فتتابعوا هذا النبي؟
فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب فوجدوها قد غلقت، فلما رأى هرقل نفرتهم وأيس من الإيمان قال: ردّوهم عليّ، وقال: إني قلتُ مقالتي آنفاً أختبر بها شدّتكم على دينكم، فقد رأيت، فسجدوا له ورضوا عنه، فكان ذلك آخر شأن هرقل.
أول المؤمنين
وكان أول من آمن بالرسول (ص) من الرجال علي (ع)، ومن النساء زوجته خديجة(ع).
وعن أبي ذر انه قال: سمعت رسول اللّه (ص) يقول لعلي (ع): (أنت أوّل من آمن بي، وأول من يصافحني يوم القيامة، وأنت الصدّيق الأكبر، وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل...)(4).
وفي نهج البلاغة: (ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول اللّه (ص) وخديجة وأنا ثالثهما أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوّة)(5).
ثم زيد، وكان غلاماً لخديجة، فوهبته لرسول اللّه (ص) لمّا تزوّجها، وقدم أبوه وعمه في فدائه فسألا عن النبي (ص) فقيل: هو في المسجد، فدخلا عليه فقالا: يابن عبد المطلب يابن هاشم يابن سيّد قومه، أنتم أهل حرم اللّه وجيرانه، تفكون العاني وتطعمون الأسير، جئناك في ابننا عبدك فامنن علينا وأحسن إلينا في فدائه.
قال: من هو؟
قالا: زيد بن حارثة.
فقال رسول اللّه (ص): فهلا غير ذلك؟
قالا: ما هو؟
قال: ادعوه فاُخيِّره، فإن اختاركم فهو لكم، وإن اختارني فواللّه ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحداً.
قالا: قد زدتنا على النصف.
فدعاه فقال (ص): أتعرف هؤلاء؟
قال: نعم.
قال: من هذا؟
قال: هذا أبي، وهذا عمّي.
قال: أنا من قد علمتَ ورأيتَ صحبتي، فاخترني أو اخترهما.
قال: ما أنا بالذي أختار عليكَ أحداً، أنت منّي بمكان الأب والعم.
قالا: ويحك يا زيد! أتختار العبودية على الحريّة وعلى أبيك وعمّك وعلى أهل بيتك؟
قال: نعم، قد رأيتُ من هذا الرجل شيئاً ما أنا بالذي أختار عليه أحداً أبداً.
فلمّا رأى رسول اللّه (ص) ذلك أخرجه إلى الحجر فقال: اُشهدكم أنّ زيداً ابني.
فلمّا رأى ذلك أبوه وعمّه طابت نفوسهما فانصرفا، ودعي زيد بن محمّد، حتى جاء اللّه بالإسلام فنزلت (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند اللّه)(6) فدعي يومئذ زيد بن حارثة.
ثم دخل الناس في الإسلام أرسالاً من الرجال والنساء حتى فشا ذكر الإسلام بمكة وتحدّثت به قريش.
إبلاغ الرسالة
ثم ان اللّه سبحانه أمر رسوله (ص) أن يصدع بما جاءه منه، وأن ينادي الناس بأمره ويدعو إليه، فأنزل سبحانه: (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين)(7). ثم قال تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتّبعك من المؤمنين فإن عصوك فقل انّي بريء ممّا تعملون)(8).
فعن سالم عن علي (ع) قال: أمر رسول اللّه (ص) خديجة وهو بمكّة فاتخذت له طعاماً، ثم قال لي: ادع لي بني عبد المطلب، فدعوتُ أربعين رجلاً.
فقال لي (ص): هلمّ طعامك، فأتيتهم بثريد إن كان الرجل منهم ليأكل مثلها، فأكلوا منها جميعاً حتى أمسكوا.
ثم قال (ص): اسقهم، فسقيتهم بإناء هو ريّ أحدهم، فشربوا منه جميعاً حتى صدروا.
فقال أبو لهب: لقد سحركم محمد، فتفرقوا ولم يدعهم.
فلبثوا أياماً ثم صنع لهم طعاماً مثله ثم أمرني فجمعتهم فطعموا ثم قال لهم:
(انّ الرائد لا يكذب أهله، واللّه الذي لا إله إلاّ هو اني رسول اللّه إليكم خاصّة، وإلى الناس عامة، واللّه لتموتنّ كما تنامون، ولتبعثنّ كما تستيقظون، ولتحاسبنّ بما تعملون، وانها الجنّة أبداً، والنار أبداً).
ثم قال (ص): يا بني عبد المطلب! انني واللّه ما أعلم أحداً في العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به، قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني اللّه تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم؟
قال: فأحجم القوم عنها جميعاً، فقلت ـ واني لأحدثهم سنّاً: يا نبيّ اللّه أكون وزيرك، فأخذ (ص) برقبتي ثم قال: انّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا.
قال: فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع(9).
وعن ابن عباس: لمّا أنزل اللّه تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين)(10) أتى النبي (ص) الصفا فصعده، ثم نادى: يا صباحاه! فاجتمع الناس إليه ـ بين رجل يأتي إليه وبين رجل يبعث رسوله ـ فقال رسول اللّه (ص): يا بني عبد المطلب، يا بني فهر، أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً بسفح هذا الجبل تريد أن تغير عليكم صدّقتموني؟
قالوا: نعم.
قال: فإنّي نذير لكم بين يدي عذاب شديد
فقال أبو لهب: تبّاً لك سائر اليوم، أما دعوتنا إلاّ لهذا؟ فأنزل اللّه تعالى فيه: (تبَّتْ يدا أبي لهب وتب)(11).
موقف أبي طالب (ع)
مضى رسول اللّه (ص) على أمر اللّه مظهراً لأمره لا يردّه عنه شيء، فلمّا رأت قريش أنّ رسول اللّه (ص) لا يعتبهم من شيء أنكروه عليه، ورأوا أنّ عمّه أبا طالب (ع) قد حدب عليه وقام دونه فلم يسلمه لهم، مشى رجال من أشراف قريش إلى أبي طالب وفيهم:
عتبة وشيبة ابنا ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، وأبو سفيان بن حرب بن اُمية واسمه صخر، وأبو البختري واسمه العاص بن هشام بن الحارث بن أسد بن عبد العزّى بن قصي، والأسود بن عبد المطلب بن أسد بن العزّى بن قصي، وأبو جهل واسمه عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد اللّه بن مخزوم، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج بن عامر بن حذيفة بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب، والعاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم، وغيرهم.
فقالوا: يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سبّ آلهتنا وعاب ديننا وسفّه أحلامنا وضلل آباءنا، فإما أن تكفه عنا وإما أن تخلّي بيننا وبينه، فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه(12) فنكفيكه.
فقال لهم أبو طالب قولاً رفيقاً، وردّ عليهم ردّاً جميلاً، ثم بعث إلى رسول اللّه (ص)، فلما دخل عليه رسول اللّه (ص) قال له: يا ابن أخي هؤلاء مشيخة قومك وسراتهم، وقد سألوك أن تكفّ عن شتم آلهتهم ويدَعوك وإلهك.
قال: يا عم أفلا تدعوهم إلى ما هو خير لهم؟
قال: وإلى ما تدعوهم؟
قال: أدعوهم إلى أن يتكلّموا بكلمة تدين لهم بها العرب ويملكون بها العجم؟
فقال أبو جهل من بين القوم: ما هي وأبيك لنعطيكها وعشر أمثالها؟
قال: تقولون: (لا إله إلاّ اللّه).
فنفروا وقالوا: سلنا غيرها
قال: لو جئتموني بالشمس حتى تضعوها في يديّ ما سألتكم غيرها، فقاموا من عنده غضاباً، وولّوا على أدبارهم نفوراً
وهنا التفت أبو طالب (ع) إلى رسول اللّه (ص) وقال: يا ابن أخي ادع كما أمرت، ثم أنشأ:
واللّه لــــن يصلوا إليك بجمعهم           حتــــى اُوســـّد فــي التـــراب دفينا
فاصدع بأمـرك ما عليك غضاضة          وابشــــــر وقــر بــذاك منك عيونا
ودعوتني وعلمت أنــك ناصحــي          ولقـــد صــــــدقتَ وكنــتَ ثم أمينـا
ولقـــد علمت بأنّ ديـــــن محمــد          مــن خيـــــر أديـــان البـــريّة دينـا
منطق الجاهليّين
فلمّا نادى رسول اللّه (ص) بالإسلام وصدع بما أمره اللّه تعالى به، استجاب له الأحداث من الرجال، والضعفة من الناس، حتى كثر من آمن به، فعظم ذلك على أصحاب الأغراض والأطماع من قومه، ورأوا أنّ مصالحهم الشخصية المعتمدة على عبادة الأصنام مهدّدة بالخطر، فناكروه وأجمعوا على خلافه وعداوته، وأكبّوا على منابذته وايذائه، فحدب أبو طالب (ع) على رسول اللّه (ص) ومنعه وقام دونه، لأنه بالإضافة إلى ايمانه باللّه والرسول (ص) كان شريفاً في قومه، معظّماً في قريش، مطاعاً في أهل مكة، فلم يتجاسروا معه مكاشفة الرسول (ص) بشيء من الأذى.
أما أصحابه:
فمن كانت له عشيرة تحميه امتنع بعشيرته، وأما من لم تكن له عشيرة، فقد تصدّوا له بالأذى والعذاب، فلقي أصحاب رسول اللّه (ص) من العذاب أمراً عظيماً.
عمّار وأبواه
وكان ممّن عذّبوه: عمّار بن ياسر واُمّه وأباه، وكان إذا مرّ بهم رسول اللّه (ص) يقول: صبراً يا آل ياسر فإنّ موعدكم الجنّة، فمات ياسر أبو عمّار تحت التعذيب القاسي، وكذلك ماتت سمية اُم عمار على أثر حربة طعنها في قلبها أبو جهل، وبقي عمّار في أيدي أسياده وأخذوا يعذّبونه أشدّ التعذيب، إلى أن قالوا له: لا نتركك حتى تكفر بمحمّد وإلهه، فأجابهم إلى ذلك مكرهاً، فتركوه، فأتى النبي (ص) معتذراً باكياً، فأنزل اللّه تعالى: (إلاّ من اُكره وقلبه مطمئنّ بالإيمان..)(13) فقال له (ص): لا بأس عليك يا عمّار إن عادوا فعد.
مع بلال
وكذلك كان بلال، فإن أسياده كانوا يأخذونه إلى التعذيب خارج مكة، فيطرحونه على الرمضاء ثم يلقون على بطنه الصخرة العظيمة المحماة بالشمس، ثم يأخذونه ويلبسونه في ذلك الحرّ الشديد درع من حديد، ويضعون في عنقه حبلاً ويسلّمونه إلى الصبيان يطوفون به، وهو في كل ذلك صابر محتسب لا يبالي بما يلقى في ذات اللّه، وكان كلما اشتدّ به العذاب يقول: أحد، أحد.
الهجرة إلى الحبشة
فلمّا اشتدّ البلاء عليهم أذن رسول اللّه (ص) لهم في الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة وقال: إنّ بها ملكاً لا يظلم الناس، وهي أرض صدق، فلو خرجتم إليها حتى يجعل اللّه لكم فرجاً ومخرجاً ممّا أنتم فيه.
فهاجر إليها جماعة يبلغ عددهم أحد عشر رجلاً وأربع نسوة، فخرجوا متسالمين سرّاً فوفّق اللّه لهم ساعة وصولهم إلى الساحل سفينتين للتجّار فحملوهم فيها إلى أرض الحبشة، وكان خروجهم في رجب من السنة الخامسة من المبعث الشريف، فأقاموا بالحبشة شعبان ورمضان، وخرجت قريش في آثارهم حتى جاءوا البحر فلم يدركوا منهم أحداً.
ثم رجعوا إلى مكة في شوّال لما بلغهم أنّ قريشاً صافّوا رسول اللّه (ص) وكفّوا عنه.
ولكن لما وافوها ورأوا الأمر على خلاف ما بلغهم، حيث تعرَّض كثير منهم لأذى المشركين واضطهادهم القاسي وبنحو أشد من المرة الأولى، استأذنوا الرسول (ص) ثانية بالهجرة، فأذن لهم في الهجرة إلى الحبشة مرة ثانية فخرجوا، فكان خروجهم الثاني أشق عليهم وأصعب، وكان عدّة من خرج في هذه المرّة ثلاثة وثمانين رجلاً وثمانية عشرة امرأة قرشيّة وغير قرشية، يرأسهم جعفر بن أبي طالب (ع).
فأكرم النجاشي وفادتهم وآمن بالرسول (ص).
من بركات الهجرة
ولما رأت قريش اطمئنان المهاجرين في أرض المهجر، وحسن صحبة النجاشي لهم، اجتمعوا في دار الندوة وقالوا: إنّ لنا في الذين عند النجاشي ثأراً، فاجمعوا مالاً واهدوه إلى النجاشي لعلّه يدفع إليكم من عنده، ولينتدب في ذلك رجلان من أهل رأيكم، فبعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد مع الهدية فركبا البحر.
فلمّا دخلا على النجاشي سجدا له وسلما عليه وقالا: قومنا لك ناصحون، وإنهم بعثونا إليك لنحذرك هؤلاء الذين قدموا عليك، لأنهم قوم رجل كذاب خرج فينا يزعم أنه رسول اللّه ولم يتّبعه إلاّ السفهاء، فضيّقنا عليهم وألجأناهم إلى شِعب بأرضنا لا يخرج منهم أحد ولا يدخل عليهم أحد، فقتلهم الجوع والعطش، فلما اشتد عليهم الأمر بعث إليك ابن عمه ليفسد عليك دينك وملكك، فاحذرهم وادفعهم إلينا لنكفيكهم، وآية ذلك أنهم إذا دخلوا عليك لا يسجدون لك ولا يحيّونك بالتحية التي كنت تحيّا بها، رغبة عن دينك.
فلمّا دعاهم النجاشي وحضروا صاح جعفر بن أبي طالب بالباب: يستأذن عليك حزب اللّه.
فقال النجاشي: مروا هذا الصائح فليُعد كلامه، ففعل.
فقال: نعم فليدخلوا بأمان اللّه وذمّته.
فدخلوا ولم يسجدوا له.
قال: ما منعكم أن تسجدوا لي؟
قالوا: نسجد للّه الذي خلقك وملَّكك، وإنما كانت تلك التحيّة لنا ونحن نعبد الأوثان، فبعث اللّه فينا نبيّاً صادقاً، وأمرنا بالتحية التي رضيها وهي (السلام) تحية أهل الجنّة.
فعرف النجاشي أن ذلك حق، وأنه في التوراة والإنجيل.
فقال: أيكم الهاتف يستأذن؟
قال جعفر: أنا .
قال: فتكلّم.
قال: إنك ملك لا يصلح عندك كثرة الكلام ولا الظلم، وأنا اُحب أن اُجيب عن أصحابي، فمر هذين الرجلين فليتكلّم أحدهما فتسمع كلامنا وحوارنا.
فقال عمرو بن العاص لجعفر: تكلّم.
فقال جعفر للنجاشي: سله أعبيد نحن أم أحرار؟ فإن كنّا عبيداً قد أبقنا من موالينا فارددنا إليهم.
فقال عمرو: بل أحرار كرام.
فقال: هل أرقنا دماً بغير حق فيقتص منا؟
قال: لا، ولا قطرة.
قال: فهل أخذنا أموال الناس بغير حق فعلينا قضاؤها؟
قال عمرو: ولا قيراط.
قال النجاشي: فما تطلبون منهم؟
قال: كنا وهم على دين واحد، على دين آبائنا، فتركوا ذلك واتبعوا غيره.
فقال النجاشي لجعفر: ما هذا الذي كنتم عليه والذي اتّبعتموه؟ وأصدقني.
فقال جعفر: أما الذي كنا عليه فتركناه فهو دين الشيطان، كنا نكفر باللّه ونعبد الحجارة، وأما الذي تحولنا إليه فهو دين اللّه الإسلام، جاءنا به من اللّه رسول، وكتاب مثل كتاب ابن مريم موافقاً له.
فقال النجاشي: تكلمتَ بأمر عظيم فعلى رسلك.
ثم أمر بضرب الناقوس، فاجتمع إليه كل قسيس وراهب، فقال: اُنشدكم باللّه الذي أنزل الإنجيل على عيسى، هل تجدون بين عيسى وبين القيامة نبيّاً مرسلاً؟
قالوا: اللّهمّ نعم، قد بشّرنا به عيسى وقال: من آمن به فقد آمن بي، ومن كفر به فقد كفر بي.
فقال النجاشي لجعفر: ماذا يقول لكم هذا الرجل؟ وماذا يأمركم به وماذا ينهاكم عنه؟
قال: يقرأ علينا كتاب اللّه، ويأمرنا بالمعروف، وينهانا عن المنكر، ويأمرنا بحسن الجوار، وصلة الرحم، وبرّ اليتيم، ويأمرنا أن نعبد اللّه وحده لا شريك له.
فقال: اقرأ ما يقرأ عليكم.
فقرأ عليه سورة العنكبوت والروم، ففاضت عين النجاشي وأصحابه من الدمع.
فقال: زدنا من هذا الحديث الطيّب.
فقرأ عليهم سورة الكهف.
فأراد عمرو أن يغضب النجاشي فقال: إنهم يسبّون عيسى واُمّه.
فقرأ عليهم جعفر سورة مريم (ع).
فلمّا أتى على ذكر عيسى واُمه رفع النجاشي نفاثة من سواكه قدر ما يقذى العين فقال: واللّه ما زاد المسيح على ما يقول هؤلاء نقداً.
ثم التفت إلى جعفر ومن معه من المسلمين وقال لهم: اذهبوا فأنتم سيوم(14) بأرضي، من سبّكم غرم، فلا هوادة اليوم على حزب ابراهيم، ما أحب أن لي دَبْرا(15) من ذهب وأني آذيت رجلاً منكم.
ثم قال: ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لي فيها، فواللّه ما أخذ اللّهُ منّي الرشوة حين ردّ عليّ ملكي فآخذ الرشوةَ فيه، وما أطاع الناس فيّ فأطيعهم فيه.
فخرجا مقبوحين مردوداً عليهما ما جاءا به.
وفي النجاشي وأصحابه ـ حسب بـــعض التفاسير ـ نزلت: (وإذا سمعوا مــــا اُنزل إلــــى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع)(16).
اسلام النجاشي
ثم ان النجاشي أسلم سراً وآمن بالنبي (ص) خفية وقال: لو قدرتُ أن آتي النبي لأتيته، فكاتبه النبي (ص) في أن يزوّجه اُم حبيبة بنت أبي سفيان، وكانت ممن هاجر إلى الحبشة مع زوجها عبيد اللّه بن جحش، فتنصَّر هناك ومات، فزوّجه إيّاها، وأصدقها عنه أربعمائة دينار، وكان الذي تولّى تزويجها خالد بن سعيد بن العاص، وكتب إليه أن يبعث إليه من بقى من أصحابه ويحملهم ففعل، وحملهم في سفينتين مع عمرو بن اُمية، وقدموا على رسول اللّه (ص) حين افتتح خيبر.
ولمّا مات النجاشي نعاه رسول اللّه (ص) في اليوم الذي مات فيه وخرج إلى المصلّى فكبّر خمس تكبيرات ثم التفت إلى المسلمين وقال: استغفروا لأخيكم.
قيل: وكان موت النجاشي في رجب سنة تسع هجرية، ولما صلّى عليه رفع إليه سريره بأرض الحبشة حتى رآه بالمدينة، وتكلّم المنافقون وقالوا: يصلّي على علج مات بأرض الحبشة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المبعث الشريف وبداية الدعوة2014
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مـنـتـدى عــالـم الـنـيـنـجــا  :: عالم النينجا للمنتديات العامة :: ••تاريخ الوطن العربي••-
انتقل الى: