الشام أو سوريا التاريخية، أو سورية الطبيعية (من اليونانية: Σύρια؛ واللاتينية: Syria؛ نقحرة: سيريا)، هو اسم تاريخي لجزء من المشرق العربي يمتد على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط إلى حدود بلاد الرافدين. تشكّل هذه المنطقة اليوم بالمفهوم الحديث كل من: سورية ولبنان والأردن وفلسطين التاريخية (الضفة الغربية وقطاع غزة والأراضي التي اُنشئت عليها إسرائيل في حرب 1948)، بالإضافة إلى مناطق حدودية مجاورة مثل منطقة الجوف ومنطقة الحدود الشمالية في المملكة العربية السعودية، وتشمل المناطق السورية التي ضُمت إلى تركيا أبّان الانتداب الفرنسي على سورية، وقسمًا من سيناء والموصل، وعند البعض فإن المنطقة تتسع لتشمل قبرص وكامل سيناء والعراق.[
حدود الشام
يعود أقدم استخدام لمصطلح سوريا إلى اليونانيين، وهو يشير إلى الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وامتداده ليشمل بلاد ما بين النهرين وكامل الهلال الخصيب وصولا إلى أجزاء من أرمينية، كما ورد في وصف المؤرخ الروماني فلينيوس الأكبر. وهذه الحدود تتفق مع اشتقاق اسم سورية الذي هو على الراجح مشتق من آسورية Ἀσσυρία كما ذكر المؤرخون اليونان والرومان واتفق معهم معظم الباحثين المعاصرين.
بعد سقوط بلاد ما بين النهرين في يد الفرس البارثيين في أواخر العهد السلوقي بدأ التغير في حدود المصطلح، حيث أنه اقتصر على المنطقة التي بقيت بيد السلوقيين ومن بعدهم الرومان، وهي تقريبا المنطقة الممتدة بين ساحل المتوسط والفرات؛ وهذا هو المعنى الذي عرفه العرب قبيل الإسلام واستمر طوال العصر الإسلامي.
في المفهوم الشائع لدى معظم الناس حالياً، تشمل "الشام" أو "سورية الكبرى": سورية ولبنان والأردن وفلسطين التاريخية (الضفة الغربية، وقطاع غزة، والأراضي التي اُنشئت عليها دولة إسرائيل في حرب 1948) وأراضٍ أصبحت ضمن تركيا (مثل الأقاليم السورية الشمالية ولواء اسكندرون) ، بالإضافة إلى لواء الإسكندرون وقيليقية وجنوب تركية وصولا إلى جبال طوروس. أما فهم أنطون سعادة لمصطلح سورية الكبرى والذي يتبناه الحزب القومي السوري الاجتماعي فهو مبني أساسا على الفهم اليوناني القديم للاسم ويشمل الهلال الخصيب بأكمله، بالإضافة إلى سيناء وقبرص. وفي المفهوم التاريخي لدى العرب تبدأ حدود الشام جنوبا من دومة الجندل (في منطقة الجوف)، حيث ذكر الواقدي في كتاب الصوائف أنَّ غزوة دومة الجندل أول غزوات الشام، فقال:
«وهي من المدينة على ثلاث عشرة مرحلة، ومن الكوفة على عشر مراحل في برية مرت، ومن دمشق على عشر مراحل، قال: وهي أرض نخل وزرع يسقون على النواضح، وحولها عيون قليلة، وزرعهم الشعير، وهي مدينة عليها سور ولها حصن عادي مشهور في العرب يدعى مارد»
الجغرافيا والتضاريس
تمتد بلاد الشام من سلسلة جبال طوروس في الشمال إلى شبه جزيرة سيناء في الجنوب. تتميز هذه الأرض بسلسلتي جبال متوازيتين (غربية وشرقية) تشقانها من الشمال إلى الجنوب بالتوازي مع الخط الساحلي.
تبدأ السلسلة الغربية الساحلية شمالاً عند ملتقى جبال طوروس مع جبال الأمانوس في منطقة النهر الأبيض قرب مرعش. وتستمر سلسلة الأمانوس إلى مصب نهر العاصي في خليج السويدية، وأقصى ارتفاع لها هو 2240 م. ثم تمتد سلسلة مكملة لهذه الأولى من مصب العاصي إلى نهر الكبير الجنوبي وتعرف هذه السلسلة بسلسلة جبال النصيرية. يفصل سهل عكار جبال النصيرية عن امتدادها الجنوبي في جبل لبنان، وفي جبل لبنان سقف الشام وأعلى جباله ليصل ذروته بارتفاع 3088 م في قرنة السودا. بالاتجاه جنوبًا تبدأ الجبال بالابتعاد عن البحر وبالانخفاض تدريجيًا، فتبلغ أعلى قمة في الجليل (جبل الجرمق) 1208 م. تبدأ جبال نابلس من جبل الكرمل في حيفا حتى تتصل بجبال الخليل في الجنوب، وتستمر مناطق التلال والجبال حتى رأس محمد في أقصى جنوب سيناء. يشكل جبل عيبال أعلى قمة في جبال نابلس (981 م) بينما تبلغ جبال الخليل أعلى نقاطها في حلحول (1020 م). يبلغ طول هذه السلسلة من مرعش إلى رأس محمد أكثر من 1100 كم.
تبدأ السلسلة الموازية بمجموعة من التلال من نفس النقطة تقريبًا عند منطقة تسمى كابو تشام (بالإنكليزية: Kapu Tcham) قرب مرعش وتمتد جنوبًا إلى صوف داغ وجبل حلب، ثم تتحول إلى سلاسل من التلال وصولاً إلى سهل حمص وسهل عكار الذين يشكلان نافذة لسورية الداخلية على البحر. تستمر السلسلة من جديد مع جبال القلمون التي تبدأ من جنوب حمص إلى دمشق وتلتقي مع هضبة الجولان عند جبل الشيخ (وأعلى قممه بارتفاع 2814 م). بعد فسحة سهلية تمتد لمسافة تقارب 60 كم عبر حوران تبدأ سلسلة جبال عجلون وتستمر السلسلة عبر جبال السلط ومؤاب والشراة إلى خليج العقبة حيث تتصل بجبال الحجاز.
إضافة إلى هاتين السلسلتين، توجد جبال أخرى داخلية متفرقة مثل جبل البلعاس وسلسلة الجبال التدمرية وجبل عبد العزيز وجبل العرب.
بين هاتين السلسلتين الجبليتين العظيمتين، يمتد أخدود سهلي عميق يشكل الجزء السوري (الشمالي) من الشق السوري الأفريقي وفيه توجد أخفض نقطة على سطح الأرض. ينبع نهر العاصي من وسط الأخدود تقريبًا ويتجه نحو الشمال بين سلسلتي الجبال في سهل البقاع وسهل الغاب وسهل العمق ليصب في البحر المتوسط. ومن نقطة قريبة ينبع نهر الأردن ويتجه جنوبًا مارًا في سهل الحولة وأطراف سهل بيسان وغور الأردن ليصب في البحر الميت أخفض نقطة على سطح الأرض.
إلى الغرب من السلسلة الساحلية يقع شريط سهلي ساحلي يضيق ويعرض. يكون أقصى عرض للسهل الساحلي في جنوب قطاع غزة بينما يختفي تمامًا في بعض النقاط مثل الجبل الأقرع جنوب لواء اسكندرون وفي جونيه وجبل الكرمل حيث تغتسل أقدام الجبال بمياه البحر.
الفتح الإسلامي
بدأت المناوشات بين الدولة الإسلامية والدولة البيزنطية في عهد الرسول محمد خلال غزوة مؤتة واستمرت محاولات الاختراق الإسلامية خلال عهد أبي بكر الصديق، غير أن المعارك الحاسمة وقعت في عهد عمر بن الخطاب، وكان أهمها معركة اليرموك في آب 636، والتي هزم فيها الجيش البيزنطي هزيمة ساحقة فتحت البلاد أمام المسلمين.
عبأ أبو بكر الصديق الجيوش إلى الشام في مطلع السنة الثالثة عشرة للهجرة فبعث يزيد بن أبي سفيان في سبعة آلاف إلى دمشق، وكان أول الأمراء الذين ساروا إلى الشام، وكان في جنده سهيل بن عمرو. ثم أمد أبو بكر يزيد بن أبي سفيان بأخيه معاوية بجند كثير. سار عمرو بن العاص في جيش كانت وجهته فلسطين، بينما اتجه شرحبيل بن حسنة إلى الأردن.
فتحت بلاد الشام في خلافة عمر بن الخطاب سنة أربع عشرة للهجرة. افتتح دمشق أبو عبيدة بن الجراح من باب لها يقال له باب الجابية صلحاً، بعد حصار سنة ودخل خالد بن الوليد من باب شرقي بغير صلح، فأجاز أبو عبيدة الصلح في جميعها، وكتبوا إلى عمر بن الخطاب، فأجاز ما عمل به أبو عبيدة.
قسم المسلمون بلاد الشام إداريا إلى أربعة أجناد هي جند دمشق وجند حمص وجند الأردن وجند فلسطين، أضيف إليها في عهد معاوية جند قنسرين.