جدار برلين مفتاح النهائي ليواخيم لوف

منذ تسلّم يواخيم لوف المقاليد الفنيّة لألمانيا عام 2006 بعد تأديته دور المساعد لسنتين ليورغن كلينسمان، أدرك المنتخب مستوى مميزاً في غير بطولة بين أوروبا والعالم إلا أنّه كان يفقد السيطرة عند الحاجز الأخير أو ما قبله.
فإلى وصافة يورو 2008 ونصف النهائي 2012، قدمت الماكينات واحدة من أجمل المستويات فنياً في مونديال جنوب أفريقيا قبل أن تظهر شبحاً أمام إسباني عملاق وقتها التهمها فنيا وتكتيكيا بغياب توماس مولر.

اليوم في البرازيل كررت ألمانيا ثباتها وأدركت ما اعتادت انجازه، لكن التحدي الآن بلغ ذروة الصعوبة مع الخوف من تكرار مشاهد السنوات الماضية، نتيجة ستكون أمرّ مما سبق أوروبياً وعالمياً.

مانشافت 2014 ظهر هو غيره لما اعتدنا عليه في السنين السابقة مع لوف، لا متعة فنية أو مخاطرة وأظهرة سريعة، بل الالتزام بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة، فشهدنا تقلبات فنية آخرها وسط قوي أجاد في إبعاد الخطر عن مانويل نوير ودفاع تحسّن إنما يعيبه الأخطاء والتردد وقلة الثقة وهجوم مرتبك داخل منطقة جزاء المنافس لا يعرف إنهاء هجمة.

حال الألمان مشابهة لحال المونديال المتقلب والغريب والأجمل، ومع تقلبات ومصائب عصفت وتعصف بمنتخبات أخرى يؤمن لوف أنّ الوضع سيختلف: "بلغنا نصف النهائي في آخر أربع بطولات عالم، وهذا يدل على ثبات مستوانا، لن نسقط في المحطة قبل الأخيرة هذه المرة".

يبدو أن لوف تعلّم منذ ما سبق دروساً ويريد إسقاط خلاصاتها في البرازيل وإن خيّب الظن أمام غانا في مباراة أهدرها الأفارقة كما أخفق أمام المحاربين العرب حين صنعت الخبرة الفارق وحارس تصدى لكرات خارج منطقته أكثر منها داخلها !

لكن مع ذلك ولأنّ البطولات المجمعة تهدف لتحقيق الانتصارات وليس العروض رأينا الألمان بشخصية جديدة أمام فرنسا المدججة، فكان أكثر حكمة وتخلى عن طريقة 4-3-3 ولجأ إلى 4-2-3-1 دافعاً بلام على الميمنة وسامي خضيرة وشفايشتايغر كارتكاز، وهي طريقة رأيناها في مونديال 2010 مع اختلافات في الأدوار التكتيكية خصوصاً لظهيري الدفاع.

أكّد لوف في عاصمة كرة القدم أنّه لم يعد يؤمن بالاعتماد على ظهيرين يواكبان الهجوم بل بات يستسيغ فكرة وجود رباعي ثابت يؤمن الخطوط الخلفية ووسط يحتفظ بالكرة كثيراً وإن بفرص هجومية قليلة مع اضطلاعه بدور دفاعي كخط أوّل يذود ليس عن المرمى بل عن خط الدفاع الأساسي.

هذا الأخير بدوره ارتفع مردوده مع لام وبإراحة البطيء ميرتساكر، على حساب عودة هوملز الفعال إلى جانب المتضعضع بواتنغ ومثيله على الميسرة هوفيديس. الرباعي المذكور أفضل ما أنتج الألمان في بطولة العالم ومع ذلك ما زالت صلابته موضع شك.

لكن مع هذا وجدنا فرنسا التي اجتاحت سويسرا من كل حدب وصوب عاجزة عن صنع فرص حقيقية باستثناء قلة منها لم تثمن ولم تغن عن جوع. والدور الأساس بذلك يعود لخط وسط أشبه بجدار برلين السابق وقد ضمّ إلى من ذكرنا طوني كروس وتوماس مولر ومسعود أوزيل وأمامهم كلوزه.

تكرار هذه الوصفة الفنيّة أمام ألمانيا أمر مرتقب مع تغييرات محتملة إن حدثت لن تكون مفاجئة مثل سحب أوزيل البعيد عن ما نعرفه عنه وصعوبة البدء بكلوزه، لذا فإنّ رؤية غوتزه أساسياً لن تكون غير اعتيادية أمام شورله الفقير فنياً والحيوي بدنياً وتكتيكياً وقد يكون أكثر إفادة من مهاجم لاتسيو في مباراة ستكون مجهدة نفسيا وبدنياً.

سيكرر لوف دون شك ما أنتجه أمام فرنسا معركة الوسط ستكون مرتقبة مع برازيليين تقودهم الروح ومن ثمّ كرة القدم، وغالباً من يخطئ أقل سيكون الأوفر حظاً. فألمانيا لن تفرّط بكأس رابعة توالياً باتت على مرمى حجر ودون شكُ سنرى استنساخاً لمشهد الماراكانا حين تدور الكرة في بلو أوريزنتي في فرصة تبدو أفضل ما سنح للمانشافت في ظل ضبابية فنية خلفها إيقاف ثياغو سيلفا وإصابة نيمار

شكرا على الموضوع الرائع

بارك الله فيك

» ماسكيرانو: الاستحواذ على الكرة مفتاح تأهل الأرجنتين للنهائي